ألقى رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني حجرا ثقيلا في بركة السياسة، إثر حديثه غير المسبوق في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، فالرئيس الكتوم والهادئ لم يعرف عنه التعبير عن كل ما يدور بخلده، وهو أبعد ما يكون عن التلقائية والعفوية، عكس سلفه ولد عبدالعزيز، الذي يشاع عنه التسرع والعفوية وكثير من المزاجية في التعاطي مع كبار مساعديه.
الرئيس الغاضب من أداء بعض عناصر الفريق الحكومي، عبر عن موقفه بما يكفي، وبما يلزم، ولم يبق سوى القرار الرئاسي المطبق لما عبر عنه الرئيس الذي خاطب الحكومة بالقول: "كان الأداء عموما دون المستوى.. لم يكن البعض عند حسن الظن.. يبدو أن الصلاحيات التي منحت لم تكن في السياق المناسب بصورة عامة".
تقارير حاسمة
تتواتر الأنباء عن تلقى الرئيس لتقارير من جهات سيادية، عبرت بوضوح عن تباطئ ملحوظ في عدد من الملفات الحساسة، وتضمنت التقارير أرقاما ومؤشرات لا تقبل الجدل، وذلك سر قناعة الرئيس بها، وعلى أساسها قرر التصرف بالطريقة غير المسبوقة، التي اختارها بعناية فائقة.
تفصل التقارير التي تلقاها الرئيس في عمل القطاعات الحكومية، وما أنجز، وما كان مقررا إنجازه ضمن برنامج "تعهداتي"، وتخلص بصورة واضحة إلى وجود خلل بنيوي في العمل الحكومي.
السيناريو الوحيد
ينهي الوزير الأول محمد ولد بلال لقاءته في مختف القطاعات بحر الأسبوع المقبل، وفي ختامها يُتوقع، على نطاق واسع، أن يقدم استقالة الحكومة، على أن تجدد له الثقة لـ"تنسيق العمل الحكومي"، ومن ثم ستعاد الثقة أيضا في عدد قليل من الوزراء ممن أثبتوا جدارتهم خلال الفترة الماضية، و"قليل ماهم" يقول مصدر قريب من دوائر صنع القرار في البلد.
الوزراء الذين ستعاد لهم الثقة سيشكلون النواة الصلبة لنظام ولد الشيخ الغزواني، فقد أثبتوا النجاح في الاختبار الصعب، وهو أشبه ما يكون بالاختبار المفاجئ، فضلا عن كون التجربة ستشفع لهم في تذليل أي إشكالات في المستقبل.
ويتوقع على نطاق واسع أن يستمر عدد من وزراء السيادة في مناصبهم، خاصة وزراء الدفاع والداخلية والعدل، فضلا عن بعض وزراء الخدمات العمومية وخاصة المياه والنقل، أما بقية التشكيل الحكومي فمصيره مرهون بالتوازنات الضرورية، وإملاءات اللحظة الأخيرة .. وربما الصدفة.